طوارئ …

وأنا أتفحص نصوصي القديمة والحاضرة، المترامية بين أوراق الدفاتر وملاحظات الجوال- مثل طبيب نفسي يتتبع الحالة العاطفية لمريض- لاحظت تكرار كلمة بكل اشتقاقاتها، ولم أعرف سببًا للتكرار رغم أن تفحصي امتد لأيام في فترات متباعدة، لكنني لاحظت، والملاحظة لا تكون إلا عندما يخرج شيءٌ عن المألوف أو أن يزيد عن حدة.

طرأ، يطرأ، تطرأ، طارئة، طارئ، و”طواري” بالعامية

شعرت بأني في حالة تأهب منذُّ 2016 أو 2017

-لا أتذكر تحديدًا – حين بدأت استخدام الكلمة لأول مرة في نص قديم لم ينشر، كتبته في آخر صفحة من كتاب جامعي، ولا أتذكر بالفعل مناسبة ذلك النص، لكن وكما بدا لي

أنه “طارئ” للحد الذي لم أكترث فيه بنوع القلم أو حتى لونه (الأخضر)، كتبته على عجل، وبخط الرقعه الذي لا أجيد غيره، لكوني من تلاميذ والدي وأكبر معجبيه والذي هو أيضًا لم يُجِد غيره، رغم صعوبة قراءة ذلك الخطّ وتحديدًا إذا كُتب على عجل.

اهٍ كم كنت مفتونةً بحرف النون حين يكتبه بالرقعة.

فحين كنت أعجز بعض الأحيان عن قراءة قصائدة، كنت أرجع له لتفكيك الشيفرة ولشرح المعنى بالتأكيد، حتى وجدتني- ولشدة افتتاني- دون إدراك أتبع طريقته في الكتابة.

أظن أنني لو كنت أتذكر مناسبة ذلك النص لعرفت السبب وراء حضور هذه المفردة بشكلٍ “طارئ” وملّح في كثيرٍ من نصوصي.

أحاول الآن وأنا أكتب هذه التدوينة أن أرجع بالذاكرةِ لتلك الأيام، لكنني عشت بها تجارب كثيرة، مؤلمة، محبطة، ومستفزّة، وللأسف الشديد أنني واجهت ذلك الماضي وأغلقت كل دفاتره، وآثرت التقدم على العيش فيه أو حتى استجداء دروسٍ منه.. شكرًا، لا أريد.

وأسفي الآن لا على إغلاق تلك الدفاتر بشكلٍ نهائي، وإنما على رغبتي الحالية “والطارئة” في البحث عن دوافع هذا الحضور الدائم!

أعرف أن له مغزى، ليس فقط التكرار لهذه المفردة، ولكن حتى السياق ونهج الكتابة، أراها جملًا قصيرة، بالكثير من الفواصل، وكأن أحدهم يحاول التقاط أنفاسه!

هل كنتُ أركض؟ أهرب؟ وممَّ!!

لم أواجه قط صعوبة في تحليل نص أدبي شعرًا كان أم نثرًا، كنت أجيد تحليله ببراعة، و سبر أغوار الأديب بكل دقة وكأنه أخبرني بالقصد من هذا النص وبما كان يشعر حينها، رغم الفجوة الزمنية بيننا والتي تزيد أحيانًا عن ألف سنة!

أريد بتلك البراعة أن أحلل نصوصي..

أن أقرأني بعينيّ لغوي مختص يجيد تفكيك المعنى و تبسيطه، لمَ أراني عاجزةً عن ذلك؟

أضف تعليق

المدونة على ووردبريس.كوم.

تصميم موقع كهذا باستخدام ووردبريس.كوم
ابدأ